الكمال في الدنيا عزيز ونادر، بل لا يكاد يوجد، في تعاملنا مع الأشياء من حولنا سواءً في تعاملنا مع الأفراد، أو في تقييمنا للآخرين أفراداً وجماعات ومجتمعات ودول وأمم لا يمكن أن نجد الكمال في كل الجوانب، والعبرة بما عم وغلب من حالهم.
ممن شخص جيد إلا وعنده
نقائص وعيوب، ولا يكاد توجد مؤسسة مرموقة إلى وعندها خلل في بعض الجوانب، ولا يكاد
يوجد فرد أو جماعة، أو بلد أو مجتمع إلا له وعليه.
ولذلك علينا أن ننظر
إلى ما عم وغلب من حال الشخص فإن كان الغالب من حاله وسلوكه هو الخير والفضل فهو
إنسان فاضل، ونغض الطرف عما عنده من أخطاء وعيوب، أو تُنتقد عليه ويناصح فيها، مع
تفهمنا أن هذا هو حال وطبيعة الدنيا فلا يوجد إنسان كامل، ولا يوجد شخص بلا أخطاء،
إلا من اجتباهم الله وعصمهم من الرسل والأنبياء.
من ذا الذي تُرضى
سجاياهُ كُلُّها •• كَفى المرءَ نُبْلاً أن تُعَدَّ مَعايِبُهْ
يقول الإمام ابن القيم
- رحمه الله -: "من قواعد الشرع والحكمة أيضًا: أن من كثرت حسناته وعظمت
وكان له في الإسلام تأثير ظاهر، فإنه يحتمل منه ما لا يحتمل لغيره، ويعفى عنه ما
لا يعفى عن غيره، فإن المعصية خبث، والماء إذا بلغ قلتين لم يحمل الخبث بخلاف
الماء القليل فإنه لا يحتمل أدنى خبث" مفتاح دار السعادة (1-176).
وكذلك على مستوى
(الأفراد والجماعات) من غلب من حاله السوء والشر والباطل، فهو سيء وشرير وعلى ضلال
وباطل، وإن بدرت منه بعض الأمور الجيدة، أو المواقف الإيجابية التي تحسب له، ولكن
لا ينبغي أن نذر الرماد في أعيننا عن حقيقته.
وقال الإمام الشعبي- رحمه الله -: "كانت
العرب تقول: إذا كانت محاسن الرجل تغلب مساوئه فذلكم الرجل الكامل، وإذا كانا
متقاربين فذلكم المتماسك، وإذا كانت المساوئ أكثر من المحاسن فذلكم المتهتك"
الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (2/260).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق