العلم الشرعي
منحة إلهية، ونعمة ربانية يؤتيها الله تعالى من يشاء من عباده، ممن يعلم صدقهم
وإخلاصهم وأهليتهم للعلم.
فالعلم كالرزق
يسعى الإنسان لتحصيله واكتسابه، وقد يحصل منه القليل أو الكثير، فالرزق بيد الله تعالى
يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر الرزق على من يشاء بحكمته سبحانه.
وكذلك
العلم يسعى طالب العلم لتحصيله واكتسابه والتزود منه، والله تعالى هو الذي يؤتي
العلم ويهبه ويقذفه في قلب من يشاء.
قال
تعالى: ﴿يُؤْتِي الحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ﴾ [البقرة: 269]، قال
مجاهد رحمه الله عن الحكمة: (العلم والفقه والقرآن) تفسير ابن كثير (1/ 538)، وقال
مالك بن أنس رحمه الله: (الحكمة المعرفة بدين الله، والفقه فيه، والاتباع له) تفسير
القرطبي (3/ 330).
وقال
تعالى: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا
الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ [المجادلة: 11].
يقول
الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "وقوله: ﴿وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ﴾ "إشارة
إلى أَنَّ العلم لا يُدركه الإنسان بنفسه، وأن الإنسَان مُفتقر إلى الله عزوجل في
تحصيله، فليس العلم من كَسْبِك، وكَمْ من إنسانٍ بقي سنوات عديدة يطلب العلم؛ ولم
يحصله وكم من إنسان حصل علماً كثيرًا في مدة قصيرة، كل هذا يعتمد على اعتماد
الإنسَان على ربّه، وسؤاله ربَّهُ أَنْ يزيده من العلم" التعليق على مقدمة المجموع،
(ص: 21).
ولذلك
وردت العديد من مقولات السلف الصالح التي تؤكد هذا المعنى:
· قال الإمام مالك رحمه الله: "ليس
العلم بكثرة الرواية، إنما العلم نور يضعه الله في القلوب" الإلماع، للقاضي
عياض (ص:217).
· وقال الإمام أحمد " إنما
العلم مواهب يؤتيه الله من أحب من خلقه" الآداب الشرعية، لابن مفلح (2/ 56).
· قال الإمام ابن القيم رحمه
الله: "فإن العلم نور يقذفه الله في القلب، يفرق به العبد بين الخطأ والصواب".
إعلام الموقعين (4/ 199)
· وقال: " فليس العلم: كثرة
النقل، والبحث، والكلام! ولكنه نور يميز به بين صحيح الأقوال من سقيمها، وحقها من
باطلها". [كتاب اجتماع الجيوش: ص٧٧]
فعلى طالب العلم أن يخلص النية في طلب العلم، وأن يلجأ إلى الله عزوجل أن
يرزقه العلم والفهم، وأن يعينه ويوفقه ويسدده في طلب العلم وتحصيله، ثم يبذل
الأسباب بالجد والاجتهاد في طلب العلم وتحصيله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق