النصر ‌مع ‌الصبر

 

يتطلع الإنسان العاقل لتحقيق النجاح في حياته، والوصول إلى أهدافه، والظفر بمراده.

وغالباً فإن طريق النجاح والنصر توجد فيه عقبات لا بد من تجاوزها، ومشقة وتعب وعناء لابد من الصبر عليها؛ حتى يتم الوصول إلى الهدف، وتحقيق النصر والنجاح.

جاء في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام أحمد في مسنده من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال فيه: «فَإِنَّ ‌النَّصْرَ ‌مَعَ ‌الصَّبْرِ».

فهذه قاعدة نبوية، وسنة كونية، تتحقق في كافة ميادين الحياة، على مستوى الأفراد والمجتمعات، والدول والأمم، (النصر والنجاح، يحتاج إلى صبر وكفاح) و (من صبر ظفر).

هذه القاعدة من قواعد النصر والنجاح نحتاج إليها في مجاهدة النفس وفي جهاد الأعداء، كما قال الإمام ابن رجب -رحمه الله – "وهذا كله في جهاد العدو الظاهر وهو جهاد الكفار، وكذلك في جهاد العدو الباطن وهو جهاد النفس والهوى، فإن جهادهما من أعظم الجهاد".
 نور الاقتباس (3/ 156).

1️ أولاً: مجاهدة العدو الباطن (جهاد النفس):

حتى تستقيم على دينك، حتى تنجح في دراستك، حتى تنجح في عملك، حتى تنجح في تطوير ذاتك والرقي بشخصيتك، حتى تنجح في حياتك الأسرية والمهنية، كل هذا وغيره يحتاج منك إلى صبر، وجد وجلد، وتحمل المشاق في سبيل تحصيل ذلك، ومن صبر ظفر.

2 ثانياً: مجاهدة العدو الظاهر (جهاد الأعداء):

حتى يتم النصر على الأعداء، والتغلب عليهم وهزيمتهم، يحتاج ذلك كله إلى صبر وثبات، وإلى طول نفس وقوة تحمل، وإلى إرادة لا تنكسر، وعزيمة لا تلين، حتى ينزل النصر، ويتحقق الظفر بالأعداء، كما قال الله تعالى: ﴿كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ [البقرة: 249]، فالله تعالى مع الصابرين بتأييده ونصره.

 

ويحكى أن رجلاً قال لعنترة: ما السر في شجاعتك، وأنك تغلب الرجال؟ قال: ضع إصبعك في فمي، وخذ ‌إصبعي ‌في ‌فمك.

فوضعها في فم عنترة، ووضع عنترة إصبعه في فم الرجل، وكل عض إصبع صاحبه، فصاح الرجل من الألم، ولم يصبر فأخرج له عنترة إصبعه.

وقال عنترة: والله لو صبرت قليلاً لنزعت إصبعي قبلك، ولكن كلما أردت أن أنزعها صبرت وصبرت، فالشجاعة صبر ساعة.

وقال: بهذا غلبت الأبطال، أي: بالصبر والاحتمال.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق