احتواء الكفاءات واستثمار الطاقات

 

في صفر من السنة الثامنة للهجرة قدم خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وعثمان بن طلحة رضي الله عنهم إلى المدينة ليسلموا، فلما رآهم رسول الله ﷺ استبشر بقدومهم وإسلامهم وقال لأصحابه: «‌ألقت ‌لكم ‌مكة أفلاذ كبدها» معرفة الصحابة، لأبي نعيم (4/ 1961).

لقد أدرك النبي ﷺ كفاءة هؤلاء الرجال وقيمة معدنهم، فهم من أشراف قريش، ومن ذوي المكانة والكفاءة فيهم، وكل واحد منهم ركن في عشيرته ومقدم في قبيلته، فخالد من سادات بني مخزوم، وعمرو من سادات بني سهم، وعثمان من سادات بني عبد الدار، ولذلك شبههم النبي ﷺ بقطعة من كبد قريش، ففلذة الكبد هي القطعة منه، والكبد من أشرف الأعضاء في الجسم.



ما هي إلا أشهر معدودة حتى يستثمر النبي ﷺ هذه الطاقات الهائلة، وهذه المواهب الفذة التي بين يديه، ويوجهها لخدمة الإسلام والمسلمين.

ففي جمادى الأولى سنة ثمان للهجرة يرسل النبي ﷺ خالد بن الوليد -رضي الله عنه- مع جيش غزوة مؤته، ويكون له ذلك الدور المشهود فيها، والعبقرية الفذة في قيادة جيشها وحمايته، ويتقلد أعظم وسام ولقب عسكري من النبي ﷺ (سيف الله) وبعد سنوات يصبح خالد بن الوليد من كبار قادة الفتوحات الإسلامية، ويفتح العراق والشام.

وفي جمادى الآخرة سنة ثمان للهجرة يعين النبي ﷺ عمرو بن العاص -رضي الله عنه- قائداً على سرية ذات السلاسل، والتي كان فيها أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، وكان لدهاء وحنكة وحكمة عمرو دور كبير في انتصار تلك السرية، وبعد سنوات أصبح عمرو بن العاص من قادة المسلمين الفاتحين، وفتحت مصر على يديه.

وفي رمضان سنة ثمان للهجرة يوم فتح مكة يكرم النبي ﷺ ‌‌‌عثمان ‌بن ‌طلحة -رضي الله عنه- ويعطيه مفتاح الكعبة، ويقول: «خذوها ‌يا ‌بني ‌أبي ‌طلحة خالدة تالدة إِلى يوم القيامة، لا يأخذها منكم إِلا ظالم» وقال له رسول الله ﷺ: "هاك مفتاحك يا عثمان! اليوم يوم بر ووفاء" فولي ‌‌‌عثمان ‌بن ‌طلحة فتح الكعبة إِلى أن مات، ثم أعطى المفتاح ابن عمه شيبة بن عثمان، فمفتاح الكعبة إِلى الآن في يد بني شيبة وهم سدنة الكعبة.

 

فعلى الدعاة والمربين حسن احتواء الشباب الذين يقبلون على التوبة والاستقامة، ويأتون إلى محاضن الخير والعلم والتربية، ويستثمرون طاقاتهم ومواهبهم في خدمة الإسلام والمسلمين.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق