الانشغال بالأحداث والأخبار

 

في كل زمان تستجد العديد من القضايا والأحداث التي قد تستهلك وقت طالب العلم وزمانه في متابعة أخبارها وتفاصيل أحداثها.

فيقضي الساعات الطويلة من يومه وهو يتابع كل خبر وكل مشهد وكل تحليل حول ذلك الحدث، فيضع زمانه ووقته ويؤثر ذلك سلباً على دراسته وطلبه وتحصيله ومجريات حياته.


ولذلك كان الإمام أحمد بن حنبل –رحمه الله- يقول: "الاشتغال بهذه الأخبار القديمة يقطع عن العلم الذي ‌فُرض ‌علينا ‌طلبه"

📗 الجامع لأخلاق الراوي، للخطيب (2/ 160).

وذكر تاج الدين السبكي -رحمه الله- في كتابه طبقات الشافعية شيئاً من أخبار التتار ثم قال:

"ومن النَّاس من أفرد التصانيف لأخبارهم وَيَكْفِي الْفَقِيه مَا أوردناه، فأوقات طَالب الْعلم أشرف أَن تضيع فِي أخبارهم إِلَّا للاعتبار بهَا وَمَا أوردناه عِبْرَة للمعتبرين وكاف للمتعظين".

📘 طبقات الشافعية الكبرى، للسبكي (1/ 342).

لذلك ينبغي لطالب العلم المتابعة المعتدلة، للأحداث والأخبار التي تجعله مهتماً بأحوال إخوانه المسلمين، فيتابع أهم القضايا دون الإغراق في كثرة التفاصيل، ودون التضييع لكثير من الأوقات والساعات أمام الشاشات، ويحول تلك المتابعة والاهتمام إلى دائرة عمل وتأثير، فيدعوا لإخوانه المسلمين، ويبذل لهم ما بوسعه واستطاعته، ويستفيد الدروس والعبر من تلك الأحداث والأخبار.

ويلزم الثغر الذي هو فيه وهو ميدان العلم، فيشغل نفسه بالطلب والتحصيل والاستزادة من العلم، حتى يتمكن فيه، وينفع الأمة به في مستقبل الأيام.



ماذا كان يعمل الرسول ﷺ في بيته؟

 كان الرسول ﷺ في بيته قدوة حسنة في التواضع وحسن العشرة والتعامل مع زوجاته، لا يترفع عن مساعدة نسائه في أعمال البيت وخدمتهن، فقد كان ﷺ بشراً من البشر، يعمل في بيته مثل ما يعمل الرجال في بيوتهم، يقوم بخدمة أهله ومساعدتهم في أمور البيت وشؤون الأسرة، فكان أحياناً يخط ثوبه، وأحياناً يرقع نعله إذا انقطع، وأحياناً يفلي ثوبة وينقيه إذا وجد فيه شيء من ‌المؤذيات ‌كالقمل ‌والبراغيث، وأحياناً يقوم بحلب شاته، ويقوم بإصلاح الدلو الذي يستقون به الماء إذا تخرق فيرقعه ويخيطه، كذلك كان يخدم نفسه فيما يحتاج إليه من أمور.

 والواحد منا إذا كان في بيته فإنه غالباً يصدر الأوامر والتعليمات لزوجته وأولاده بالقيام بخدمته، أصنعوا لي كذا، وأحضروا لي كذا، ولا يسعى لخدمة نفسه، بينما كان من هدي رسولنا الكريم محمد ﷺ أنه يقوم بخدمة نفسه «وَيَخْدِمُ نَفْسَهُ» ولا يكلف أهله دائماً القيام بخدمته.

وقد وصفت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها حال النبي ﷺ في بيته وماذا كان يصنع من الأعمال في عدة أحاديث عندما سألت عن ذلك.

·       سألت عائشة رضي الله عنها ما كان يصنع النبي ﷺ في أهله؟ فقالت: «كان ‌يَكُونُ ‌فِي ‌مهْنَةِ ‌أَهْلِهِ -تَعْنِي خِدْمَةَ أَهْلِهِ- فَإِذا حَضَرَتِ الصَّلاةُ خَرَجَ إلى الصَّلاةِ» رواه البخاري.

·       عن عائشة رضي الله عنها أنها سئلت: ما كان رسول الله ﷺ ‌يعمل ‌في ‌بيته؟ قالت: «كَانَ يَخِيطُ ثَوْبَهُ، وَيَخْصِفُ نَعْلَهُ، وَيَعْمَلُ مَا يَعْمَلُ الرِّجَالُ فِي بُيُوتِهِمْ» رواه أحمد في المسند وهو حديث صحيح.

·       عن عائشة رضي الله عنها قالت: سُئِلْتُ ما كان رسول الله ﷺ ‌يعمل ‌في ‌بيته؟ قالت: «‌كَانَ ‌بَشَرًا ‌مِنَ ‌الْبَشَرِ يَفْلِي ثَوْبَهُ، وَيَحْلُبُ شَاتَهُ، وَيَخْدِمُ نَفْسَهُ» رواه أحمد في المسند وهو حديث صحيح.

·       عن عروة، قال: قلت لعائشة رضي الله عنها يا أم المؤمنين، أي شيء كان يصنع رسول الله ﷺ إذا كان عندك؟ قالت: «مَا يَفْعَلُ أَحَدُكُمْ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ، يَخْصِفُ نَعْلَهُ، وَيَخِيطُ ثَوْبَهُ، وَيَرْقَعُ دَلْوَهُ» صحيح ابن حبان.

فبيت الإنسان هو المحك الحقيقي الذي يبين حسن خلقه، وكمال أدبه، وطيب معشره، وصفاء معدنه، لأنه يتصرف في بيته ومع أهله وأبنائه بسجيته وطبيعته دون تصنع ولا تكلف مع أنه السيد الآمر الناهي في هذا البيت.

وتعامل المسلم مع أهله في بيته يبين حقيقة خيريته وصلاحه، فلا خير في إنسان لا يكون فيه خير مع أهله، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله ﷺ: «خيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأهْلِهِ، ‌وأنا ‌خَيْرُكُمْ ‌لِأهْلي» رواه الترمذي وهو حديث صحيح.

فعلينا أن نقتدي بحال رسول هذه الأمة وقائدها ومعلمها ومربيها ﷺ كيف كان حاله في بيته، وماذا كان يصنع ويعمل؟ وكيف كان يتعامل مع أهله؟ مع ما كان عليه ﷺ من المنزلة العظيمة والدرجة الرفيعة.

 

 



احتواء الكفاءات واستثمار الطاقات

 

في صفر من السنة الثامنة للهجرة قدم خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وعثمان بن طلحة رضي الله عنهم إلى المدينة ليسلموا، فلما رآهم رسول الله ﷺ استبشر بقدومهم وإسلامهم وقال لأصحابه: «‌ألقت ‌لكم ‌مكة أفلاذ كبدها» معرفة الصحابة، لأبي نعيم (4/ 1961).

لقد أدرك النبي ﷺ كفاءة هؤلاء الرجال وقيمة معدنهم، فهم من أشراف قريش، ومن ذوي المكانة والكفاءة فيهم، وكل واحد منهم ركن في عشيرته ومقدم في قبيلته، فخالد من سادات بني مخزوم، وعمرو من سادات بني سهم، وعثمان من سادات بني عبد الدار، ولذلك شبههم النبي ﷺ بقطعة من كبد قريش، ففلذة الكبد هي القطعة منه، والكبد من أشرف الأعضاء في الجسم.



ما هي إلا أشهر معدودة حتى يستثمر النبي ﷺ هذه الطاقات الهائلة، وهذه المواهب الفذة التي بين يديه، ويوجهها لخدمة الإسلام والمسلمين.

ففي جمادى الأولى سنة ثمان للهجرة يرسل النبي ﷺ خالد بن الوليد -رضي الله عنه- مع جيش غزوة مؤته، ويكون له ذلك الدور المشهود فيها، والعبقرية الفذة في قيادة جيشها وحمايته، ويتقلد أعظم وسام ولقب عسكري من النبي ﷺ (سيف الله) وبعد سنوات يصبح خالد بن الوليد من كبار قادة الفتوحات الإسلامية، ويفتح العراق والشام.

وفي جمادى الآخرة سنة ثمان للهجرة يعين النبي ﷺ عمرو بن العاص -رضي الله عنه- قائداً على سرية ذات السلاسل، والتي كان فيها أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، وكان لدهاء وحنكة وحكمة عمرو دور كبير في انتصار تلك السرية، وبعد سنوات أصبح عمرو بن العاص من قادة المسلمين الفاتحين، وفتحت مصر على يديه.

وفي رمضان سنة ثمان للهجرة يوم فتح مكة يكرم النبي ﷺ ‌‌‌عثمان ‌بن ‌طلحة -رضي الله عنه- ويعطيه مفتاح الكعبة، ويقول: «خذوها ‌يا ‌بني ‌أبي ‌طلحة خالدة تالدة إِلى يوم القيامة، لا يأخذها منكم إِلا ظالم» وقال له رسول الله ﷺ: "هاك مفتاحك يا عثمان! اليوم يوم بر ووفاء" فولي ‌‌‌عثمان ‌بن ‌طلحة فتح الكعبة إِلى أن مات، ثم أعطى المفتاح ابن عمه شيبة بن عثمان، فمفتاح الكعبة إِلى الآن في يد بني شيبة وهم سدنة الكعبة.

 

فعلى الدعاة والمربين حسن احتواء الشباب الذين يقبلون على التوبة والاستقامة، ويأتون إلى محاضن الخير والعلم والتربية، ويستثمرون طاقاتهم ومواهبهم في خدمة الإسلام والمسلمين.



النصر ‌مع ‌الصبر

 

يتطلع الإنسان العاقل لتحقيق النجاح في حياته، والوصول إلى أهدافه، والظفر بمراده.

وغالباً فإن طريق النجاح والنصر توجد فيه عقبات لا بد من تجاوزها، ومشقة وتعب وعناء لابد من الصبر عليها؛ حتى يتم الوصول إلى الهدف، وتحقيق النصر والنجاح.

جاء في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام أحمد في مسنده من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال فيه: «فَإِنَّ ‌النَّصْرَ ‌مَعَ ‌الصَّبْرِ».

فهذه قاعدة نبوية، وسنة كونية، تتحقق في كافة ميادين الحياة، على مستوى الأفراد والمجتمعات، والدول والأمم، (النصر والنجاح، يحتاج إلى صبر وكفاح) و (من صبر ظفر).

هذه القاعدة من قواعد النصر والنجاح نحتاج إليها في مجاهدة النفس وفي جهاد الأعداء، كما قال الإمام ابن رجب -رحمه الله – "وهذا كله في جهاد العدو الظاهر وهو جهاد الكفار، وكذلك في جهاد العدو الباطن وهو جهاد النفس والهوى، فإن جهادهما من أعظم الجهاد".
 نور الاقتباس (3/ 156).

1️ أولاً: مجاهدة العدو الباطن (جهاد النفس):

حتى تستقيم على دينك، حتى تنجح في دراستك، حتى تنجح في عملك، حتى تنجح في تطوير ذاتك والرقي بشخصيتك، حتى تنجح في حياتك الأسرية والمهنية، كل هذا وغيره يحتاج منك إلى صبر، وجد وجلد، وتحمل المشاق في سبيل تحصيل ذلك، ومن صبر ظفر.

2 ثانياً: مجاهدة العدو الظاهر (جهاد الأعداء):

حتى يتم النصر على الأعداء، والتغلب عليهم وهزيمتهم، يحتاج ذلك كله إلى صبر وثبات، وإلى طول نفس وقوة تحمل، وإلى إرادة لا تنكسر، وعزيمة لا تلين، حتى ينزل النصر، ويتحقق الظفر بالأعداء، كما قال الله تعالى: ﴿كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ [البقرة: 249]، فالله تعالى مع الصابرين بتأييده ونصره.

 

ويحكى أن رجلاً قال لعنترة: ما السر في شجاعتك، وأنك تغلب الرجال؟ قال: ضع إصبعك في فمي، وخذ ‌إصبعي ‌في ‌فمك.

فوضعها في فم عنترة، ووضع عنترة إصبعه في فم الرجل، وكل عض إصبع صاحبه، فصاح الرجل من الألم، ولم يصبر فأخرج له عنترة إصبعه.

وقال عنترة: والله لو صبرت قليلاً لنزعت إصبعي قبلك، ولكن كلما أردت أن أنزعها صبرت وصبرت، فالشجاعة صبر ساعة.

وقال: بهذا غلبت الأبطال، أي: بالصبر والاحتمال.



العلم منحة يؤتيه الله من يشاء

 

العلم الشرعي منحة إلهية، ونعمة ربانية يؤتيها الله تعالى من يشاء من عباده، ممن يعلم صدقهم وإخلاصهم وأهليتهم للعلم.

فالعلم كالرزق يسعى الإنسان لتحصيله واكتسابه، وقد يحصل منه القليل أو الكثير، فالرزق بيد الله تعالى يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر الرزق على من يشاء بحكمته سبحانه.

وكذلك العلم يسعى طالب العلم لتحصيله واكتسابه والتزود منه، والله تعالى هو الذي يؤتي العلم ويهبه ويقذفه في قلب من يشاء.

قال تعالى: ﴿يُؤْتِي الحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ﴾ [البقرة: 269]، قال مجاهد رحمه الله عن الحكمة: (العلم والفقه والقرآن) تفسير ابن كثير (1/ 538)، وقال مالك بن أنس رحمه الله: (الحكمة المعرفة بدين الله، والفقه فيه، والاتباع له) تفسير القرطبي (3/ 330).

وقال تعالى: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ [المجادلة: 11].

يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "وقوله: ﴿وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ﴾ "إشارة إلى أَنَّ العلم لا يُدركه الإنسان بنفسه، وأن الإنسَان مُفتقر إلى الله عزوجل في تحصيله، فليس العلم من كَسْبِك، وكَمْ من إنسانٍ بقي سنوات عديدة يطلب العلم؛ ولم يحصله وكم من إنسان حصل علماً كثيرًا في مدة قصيرة، كل هذا يعتمد على اعتماد الإنسَان على ربّه، وسؤاله ربَّهُ أَنْ يزيده من العلم" التعليق على مقدمة المجموع، (ص: 21).

ولذلك وردت العديد من مقولات السلف الصالح التي تؤكد هذا المعنى:

·       قال الإمام مالك رحمه الله: "ليس العلم بكثرة الرواية، إنما العلم نور يضعه الله في القلوب" الإلماع، للقاضي عياض (ص:217).

·       وقال الإمام أحمد " إنما العلم مواهب يؤتيه الله من أحب من خلقه" الآداب الشرعية، لابن مفلح (2/ 56).

·       قال ‌الإمام ابن ‌القيم رحمه الله: "فإن العلم نور يقذفه الله في القلب، يفرق به العبد بين الخطأ والصواب". إعلام الموقعين (4/ 199)

·       وقال: " فليس العلم: كثرة النقل، والبحث، والكلام! ولكنه نور يميز به بين صحيح الأقوال من سقيمها، وحقها من باطلها". [كتاب اجتماع الجيوش: ص٧٧]

فعلى طالب العلم أن يخلص النية في طلب العلم، وأن يلجأ إلى الله عزوجل أن يرزقه العلم والفهم، وأن يعينه ويوفقه ويسدده في طلب العلم وتحصيله، ثم يبذل الأسباب بالجد والاجتهاد في طلب العلم وتحصيله.



قل لي ماذا تقرأ؟ أقل لك من أنت!

 

أصبح الواحد منا يقرأ في اليوم مئات الكلمات وعشرات الجمل والعبارات، بل ربما يقرأ أكثر من ذلك، على مواقع التواصل الاجتماعي، على الواتساب والتلجرام والفيسبوك وتويتر وغيرها من الوسائل. 

ولا شك أن لما يقرأه من منشورات ومقالات أثر كبير على أفكاره، وآرائه، ومواقفه، وعقيدته، ومنهجه.

  فأفكار الإنسان تتأثر بما يقرأ ويسمع ويشاهد. 

 وعندما نقرأ تنقدح في أذهاننا مجموعة من الخواطر التي تتحول إلى أفكار، ثم تترسخ إلى قناعات، ثم تؤثر على أفعالنا وسلوكنا وطريقتنا في الحياة.

وكما أن على الواحد منا أن يتحرى جيداً اختيار الكتاب الذي يقرأه، واختيار المؤلف الذي يقرأ له.

فكذلك علينا أن نتخير الأشخاص الذي نقوم بمتابعتهم على وسائل التواصل ونقرأ لهم، والمجموعات التي ننضم إليها ونشارك فيها، لأننا شاء أم أبينا سوف نتأثر بما يطرح في تلك الوسائل عاجلاً أم آجلاً.

علينا أن نتابع من يطرح قضايا نافعة ومفيدة، ومعلومات موثوقة، وأطروحات جيدة، تصلح أمر ديننا ودنيانا.

وعلينا أن نبتعد عمن يطرح الأفكار الضالة الهدامة، والشبهات المضللة التي فيها طعن في دين الإسلام، والتشكيك في العقيدة والثوابت، ومحاولة تشويه التاريخ الإسلامي، وإسقاط رموز المسلمين من الصحابة والتابعين، والقادة الفاتحين، والعلماء، والدعاة، والصالحين.

وعلينا أن نبتعد عمن يطرح ما يدعوا إلى إثارة الشهوات والتفسخ والانحلال والبعد عن القيم والأخلاق.

ففي الأخير نحن وشخصيتنا وأفكارنا محصلة ما نقرأ.

📝 وليد الهمداني.



تنمية المهارات الشخصية

 

في هذا العصر أصبح امتلاك الشخص لمهارة وتمكنه منها ربما يغنيه عن شهادات جامعية عليا.

 هذا العصر هو عصر ماذا لديك من مهارة؟ قبل أن يكون ماذا لديك من شهادة؟

وإذا كان قديماً يقال: (صنعة في اليد أمان من الفقر) أي: إذا كان الشخص لديه حرفة في يده من نجارة، أو حدادة، أو صناعة، أو غيرها، فإنه يستطيع أن يعمل ويكسب الرزق من خلالها ويعيش بها أينما حل وارتحل.

 فإن اليوم نستطيع أن نقول: (مهارة تجيدها وتتقنها كفيلة بأن تغني حياتك وترتقي بها).


مهارة واحدة يجيده الشخص منّا ويتقنها كفيلة بأن تجعله نجماً علماً الكل يخطب وده ويرغب أن يتعرف عليه، وترغب كثير من الجهات والمؤسسات المرموقة أن يعمل معها.

مهارة واحدة يجيده الشخص منّا كفيلة أن تفتح له مجال التأثير، وخدمة الإسلام والمسلمين، ونيل الأجر والثواب من رب العالمين.

الخطاط عثمان طه امتلك مهارة الخط فكتب المصحف الشريف بخط رائع وجميل فقدم مشروع عظيم لآخرته وخدم الأمة الإسلامية، الدكتور نافع امتلك مهارة البرمجة فبرمج المكتبة الشاملة التي أفادت كثير من العلماء والدعاة وطلبة العلم، والنماذج في ذلك كثير.

 

والشخص هو المسؤول الأول عن تنمية مهاراته الشخصية من خلال جهوده الذاتية، وأول الطريق هو اكتشاف المهارة التي يجيدها كل شخص منا، فالقدرات والمواهب أرزاق يقسمها الله تعالى بين عباده، وعلى كل واحد منّا أ ن يكتشف ما حباه الله تعالى به من استعداد وملكة ومهارة كامنة في نفسه.

ثم بعد ذلك يتم تنمية وصقل المهارة من خلال جانبين:

1️ أولاً: الجانب العلمي النظري: من خلال الدراسة والقراءة عن المهارة المراد تنميتها، والالتحاق بالدوارات التدريبية، ومشاهدة المقاطع المرئية، والاستماع لمن عنده خبرة وتجربة في هذه المهارة، وهذا الجانب يفيد من وجهة نظري ما نسبته 30% في تنمية المهارة.

2️ ثانياً: الجانب العملي التطبيقي: من خلال الممارسة العملية اليومية في تطبيق تلك المهارة، وتنفيذها في أرض الواقع، والاستمرار والمداومة عليها، حتى يتم اكتسابها وتنميتها والتمكن منها، وهذا الجانب هو الأهم ويفيد من وجهة نظري ما نسبته 70% في تنمية المهارة.

فلو قرأت 100 كتاب عن مهارة السباحة فلن تتقنها، حتّى تنزل المسبح وتحاول وتجرب وتتدرب حتى تجيد السباحة.

فعلينا أن تستثمر في ذواتنا من خلال اكتشاف مواهبنا ومهاراتنا، ثم السعي لتنميتها والتمكن منها، فربما مهارة واحد تفتح لنا أبواب النجاح والتميز والارتقاء في الحياة.

📝 وليد الهمداني.

‏•••═══ ═══ •••